هناك لحظات في التاريخ لا تُمحى من ##ذاكرة الجغرافيا. والعلمين، تلك البقعة الساحلية التي ظنها العالم “جبهة نسيها الزمان”، عادت لتصنع الحدث مرة أخرى…لكن هذه المرة، لا بصوت المدافع، بل بصوت التنمية، والحلم، والمستقبل.
حين تركونا وحدنا ##وسط الألغام منذ عام 1942، والعلمين أسيرة معركة لم نخترها.
تركها جنود أوروبا حقلًا للألغام… ثم غادروا، وبقيت مصر وحدها تواجه الحديد والدم. أكثر من 17 مليون لغم زُرعت في الرمال، كبّلت التنمية، وأزهقت الأرواح، وجمّدت ##أحلام الزراعة والطاقة والسياحة.
التحرك المصري… دبلوماسية تتلمس الطريق
في مطلع الألفية، بدأت الدولة المصرية تحركًا هادئًا لكنه كان ضروريًا.
الرئيس الراحل محمد حسني مبارك وضع الملف على الطاولة و الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء حينها، تعامل معه بلغة تنموية. أما المشير محمد حسين طنطاوي، وزير الدفاع، فقد أدرك أن ##تطهير الأرض مسألة تتعلق بالأمن القومي قبل أن تكون تنمية.
هنا، لا بد أن نذكر اسمًاء بارزًة بداية من الدكتور أحمد الدرّش – وزير التخطيط و التعاون الدولي الأسبق، و من تبعوه د عثمان محمد عثمان و و د محمود محيي الدين و د فايزة ابو النجا الذين قادوا مفاوضات مع ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، انتهت بتدشين ##برنامج أممي لدعم مصر في إزالة الألغام، ونتج عنه تمويل بلغ أكثر من 250 مليون دولار على مراحل. وتولّى سلاح المهندسين بالقوات المسلحة المهمة الأخطر: تفكيك الموت، شبرًا بشبر.
عهد جديد… قيادة تُطلق الحلم
التحول الحاسم جاء مع ##الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لم يتعامل مع ملف الساحل كمنطقة سياحية، بل كـ”امتداد استراتيجي للدولة الحديثة”.
وتحت مظلة ” الجمهورية الجديدة “، وُلد ##مشروع العلمين الجديدة، كمدينة ذكية على الطراز العالمي، تُدار بعقل استثماري، وتخدم المواطن والاقتصاد معًا.
أما الفريق كامل الوزير – وزير النقل، فقد ترجم هذه الرؤية إلى بنية تحتية متكاملة، بدءًا من ##تطوير الطريق الساحلي الدولي، وإنشاء محاور الربط بين الساحل والدلتا والصعيد، حتى وصلنا إلى جاهزية لوجستية تُهيئ المنطقة لاستثمارات بالمليارات.
العلمين… نموذج الدولة الشاملة

ما نراه اليوم لم يكن ليتحقق دون تطهير الأرض أولًا.فمن الأرض التي كانت ##مزروعة ألغامًا، نبتت اليوم مشروعات عملاقة:العلمين الجديدة: مدينة ذكية تضم الأبراج، الممشى السياحي، منطقة تراثية، جامعة دولية، حي حكومي، شبكة مواصلات متطورة، وبنية تحتية رقمية.
رأس الحكمة: مشروع ضخم بالشراكة مع ##تحالف إماراتي، يتجاوز حجم استثمارات مليارية. و أصبح يمثل بوابة سياحية وتجارية عملاقة على البحر المتوسط.
مراسي – إعمار: من ##أبرز المشروعات العقارية السياحية، بشراكة إماراتية، تمثل نقلة نوعية في العمران الفندقي والخدمي.
ساوث ميد: مشروع متعدد الاستخدامات ##جنوب مدينة العلمين، يدمج بين السياحة، التعليم، الطب، والصناعة.منتجعات عالمية – فنادق دولية – قرى ذكية – مناطق لوجستية: كلها تولّدت بعد إزالة الألغام، وتهيئة الأرض للتنمية مشاريع كبري و استثمارات تتجاوز المليارات.
تحولت ##المنطقة إلى قاطرة للتنمية في غرب البلاد، وواجهة للاستثمار الخليجي والدولي في مجالات السياحة، التعليم، الطاقة، والخدمات. و لا نغفل مشروعات التعليم العالي و الجامعات و الاستصلاح الزراعي و الطاقة متمثله في ##مشروع المفاعل النووي بالضبعة كل تلك المشروعات ما كان لها ان تظهر الا بعد الانتهاء من ##ازالة الالغام.
خاتمة… من يزرع الحياة في أرض الموت
حين نكتب عن العلمين، فنحن لا نكتب عن مدينة، بل عن تجربة دولة، ورؤية قيادة، وإرادة شعب.
تجربة تقول إننا لا ننتظر المعجزات… بل نصنعها بأيدينا.تحية لكل من ساهم في إزالة لغم، أو وضع حجر أساس، أو فتح طريقًا نحو الحياة. وتبقى مصر قادرة، حين تُقرر، أن تُحوّل التاريخ… إلى مستقبل.
رسالة الي شبابنا ..أقراوا تاريخكم لتصنعوا مستقبلكم
كاتب المقال
المهندس مدحت القاضي رئيس مجلس إدارة شعبة خدمات النقل الدولي واللوجيستيات بالغرفة التجارية بالإسكندرية
ونائب رئيس جمعية رجال اعمال اسكندرية